الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

على هامش الرحلة ..

                                                                        


اول أمس صباحا قالت لي الأستاذة صباح المدرسة ( البديوية ) بمدرسة الفصل الواحد بعزبة اولاد شهبة .. ان سني صغير على القيام بتلك الرحلة وحدي !

وقال لي احد ابناء الشيخ عوض بعزبة الكركر قبلها بيوم ان هذه المهمة المفروض تكون للرجال فقط ! , وفي نفس اليوم قال لي احد سكان منطقة المثاني انه كان من المفترض ان يصطحبني رجلين في تلك الرحلة على الأقل ..
D : D : والحقيقة انه لو صحبني رجل واحد حتى .. فمهمتي ستصبح بلا قيمة .. فليقم بها الرجل اذا ! ..
اعلم ان هناك الكثير من الفتيات اللاتي يرحلن مثلي للتعرف على الشعوب والبيئات .. ولكنهم دائما ماكانوا يلجأون الى الصحبة .. ويحتكمون الى قواعدها ..وهذا مما لايناسبني صراحة .. ايضا دائما ماكنت اراهم واجهة جميلة تزين وتكمل صورة يصنعها ويملأها الرجال حقيقة .. وفي قصصهم دائما ماتكون تلك الفتاة لزوم الدراما .. والرومانسية ..
واعتقد ان من اهم القيم التي انوي طرحها خلال رحلاتي تلك .. مقدرة المرأة على الترحال والبحث وحدها دون مساعد .. كما فعل اقرانها من الرجال من قديم الزمان ..
فهي كائن بشري لديه من الفضول وحب المعرفة اكثر مما لدى الرجال حقيقة .. قد لاتساعدها ظروفها وطبيعتها على اشباع ذلك الفضول .. ولكنها مادامت تملك الارادة فسيظل بامكانها فعل المستحيل ..كأي انسان بامكانه صنع المسنحيل .. فهي انسان ايضا ! ما الغريب او الجديد فيما اقوله !!
لذا اتركوها ان ارادت خوض المعركة .. اتركوها ان ارادت الترحال .. اتركوها ان ارادت العمل .. اتركوها ان ارادات التعلم ..
اتركوها.. فهي مسئولة عن اختيارها امام الله مثلكم وستحاسب عليه .. فلا تعينون من انفسكم اوصياء عليها .. اعطاكم الله الارادة والاختيار ..واعطاها كذلك .. فاتركوها لخوض امتحانها بنفسها.. اتركوها لتكتشف جوهرها بروحها.. اتركوها فهي مسئولة .. اتركوها فقد خلقها الله حرة كما خلقكم .. بالله عليكم اتركوها 
 ...
***
2- وبالمناسبة احب ان انوه باحد قواعد رحالة الأربعين يوما هنا .. وهي .. ان يرحلون فرادى لوحدهم  بدون صحبة ولو نفر واحد .. ذلك كي لاتعطلهم او تؤثر عليهم  الا ظروفهم وفقط .. وايضا كي لاتشغلهم الصحبة بكثير حديثها ومسئولياتها والتزاماتها وقواعدها عن التأمل والبحث والاستغراق في التجربة والتعايش معها..
***
“قالت لي واحدة ايضا باستغراب كيف ترحلين هكذا وانتي مازلتي فتاة لم تتزوج بعد ! ..وضايقني منطقها ..فلطالما ظننت ان الفتاة المتزوجة لايجب ان تشغل بشئ الا بزوجها وبيتها واطفالها .. فهذا هو عملها وفقط .. والا ماكانت لتتزوج لو فكرت في غير ذلك ..
وهذا ما انوي فعله لو تزوجت ..لذا لا افكر في الزواج حاليا ..او مستقبلا بصراحه .. فلا انوي التخلي عن حريتي تلك التي اقتنصتها من مخالب الاسد .. بسهولة .. فما ان اعجب باحد من الرجال .. ويخطر ببالي ان نهاية ذلك الاعجاب ستكون الزواج والتخلي بارادتي عن حريتي تلك التي حاربت كثيرا من اجل الحصول عليها .. حتى يملأني التردد فيتحول الاعجاب الى استنفار والتقرب الى هروب في الحال ..
***
وماضايقني في استغراب تلك المرأة هنا .. انه من المفروض ان تكون الفتاة الغير متزوجة اولى بالعمل والترحال..لأنها غير متزوجة !
فما الذي يحتاج الى شرح هنا ؟!!
أنا ادرك تماما ان مسئولية والتزام المرأة كزوجة غاية في الصعوبة .. اصعب من مسئوليتها والتزامها كوزيرة او حتى كرئيسة جمهورية ..وعن نفسي لا املك الجرأة لتحمل تلك المسئولية بصراحة ..واعجب شديد الاعجاب بقريناتي اللاتي قررن تحملها رغم علمهم بما هم مقدمين عليه جيدا(وهم نسبة قليلة جدا او قل نادرة من الفتيات ) .. كفاهم رعبا التعايش مع تجربة الحمل لمدة تسع اشهر
في انتظار الولادة وآلامها .. :)) عن نفسي انا اجبن كثيرا من ان اتعايش مع هذا الامر صراحة ..
.. لذا فانه مما يدعو للاستغراب حقا هنا ان تكون الفتاة ام او زوجة ..وترحل ! وليس العكس !!
ذلك المنطق الغريب اوغر صدري على تلك المرأة كثيرا وقتها ..ولكنني ظللت مبتسمة .. وحاولت ان افهمها ذلك الامر قدر ما استطيع...” 
*****
3- وبالمناسبة ايضا احب ان اذكر احد القواعد المهمة للغاية هنا فرحلات الاربعين يوما ليست .. ولن تكون ابدا حجه لتهرب اناس من مسئولياتهم .. لن تكون ابدا سببا في اتعاس الاخرين .. لذا فهي لغير المتزوجين ولغير الاباء والامهات ..هي ايضا  لغير كل من يتحمل مسئولية اشخاص ويرعاهم .. فهي ليست لمن يرعى ابائه المسنين الذين ليس لهم من عائل سواه مثلا..او لمن يرعى اخوته القصر الذين ليس لهم في الدنيا سواه  ....
*****
“كنت جالسة احلم لو ولدت في ذلك الزمان الذي كان فيه عابر السبيل له بيوت وواجب على اهل البلاد .. وفي اي مكان ينزل فيه يكفي فقط ان يقول للناس (عابر سبيل) ليسهل الناس عليه الأمور ..ليتقبلوه هكذا .. بصفته هذه ! .. بدون مطالبته باوراق اواثباتات وما الى ذلك مما يحدث في يومنا هذا ..
ولكني لم انتبه في حموة تلك الاماني .. الى انه لم يكن هناك مايسمى بعابرة سبيل في ذلك الزمان .. آآخ .. اظن ان مثلي كان سيكابد الأمرين .. وماهو اصعب واخطر من ذلك بكثير في زمان كهذا .. لذا فالحمد لله انني خلقت في هذا الزمان على اية حال ..” 

*****
“في صغرنا كان يحكي لنا الآباء دائما قصة مشهورة ..عن ذلك الرجل الذي رأى ملك الموت يحوم حوله .. في بلده ..وعلم انها النهاية ..فهرب الى اخر الى البلاد ..الى الصين .. ولكن لا مهرب من قدر الله الا اليه ! .. 
فما ان وصل حتى قابله ملك الموت وحكى له كيف ان الله أمره بأن لايقبض روحه الا في الصين ! وكيف استعجب من حكمة الله وقدره حين ذهب ليحوم حول هذا الرجل ورأى مدى بعد البلاد التي يقطن بها عن الصين ! ..وكيف انه لاتربطه بالصين اي صلة ولاينوي الرحيل اليها حتى ..
ولم يعرف الملاك كيف سينفذ أمر الله في الميعاد المحدد .. ولكن يالا قدر الله ! ففي الميعاد المحدد كان الرجل في الصين بالفعل !!
..ولكن يبدو ان بعض الاباء لايؤمنون كثيرا بقضاء الله كما يبدو من حكاياتهم عنه .. فهم دائما يقفون للابناء والاقارب بالمرصاد ان حاولوا السفر او الترحال او الجهاد .. لم تعلمهم دروس الحياة وقضاء الله والعبرة ممن سبقهم .. فما اكثر من مشوا بجانب الحائط طوال عمرهم ومع هذا تعرضوا للاغتصاب والقتل والسرقة والامراض .....
*” 
**
“عشت حياتي اؤمن بقضاء الله وقدره .. تملكني الطمأنينة والرضا اليهم .. فانا اخطط لحياتي واختار .. ولكن هذا لايمنع ابدا من تدخل اقدار الله وارادته في كل ما انوي عمله ليؤثر عليه او ليغيره .. او ليحول من مساره احيانا كثيرة .. للافضل ..او للاسوأ (الذي اؤمن بانه الافضل ايضا فحكمة الله كلها خير ) وحينها لا املك الا الرضا والتسليم لله ولحكمته وقول الحمد لله :) ..فانت تريد وهو يريد والله فعال لما يريد ! ..لذا فأنا لا اعمل حسابا لحكايات الناس عن العرب وقطاع الطرق او حكاياتهم عن البلطجية .. او التزامهم الشديد بالحظر مثلا هذه الايام خوفا من ان تصيبهم رصاصات الجيش الغادرة .. وما الى ذلك .. ولم تعطلني امثال تلك الحكايات عن السفر يوما .. ودائما ماكنت اظن في تلك الحكايات انها حكايات يختلقها الناس ويهولون من امورها كي تكون حجة لالتزامهم بحياتهم المملة هذه التي يخشون تغييرها ويجبنون من مجرد محاولة ادخال نمط جديد اليها .. فانا اخطط لما انوي عمله ببساطة واحتاط من بعض الامور التي يعد عدم الاحتياط منها رمي للنفس في التهلكة ..واتوكل على الله واسير ولكني لا ابالغ في مخاوفي واحتياطاتي لاصنع منها قيود بدلا من احتياطات ! ..او لاجعلها غاية بدلا من وسيلة ..” 

البداية ..

“قبل ان ابدأ رحلاتي أخذت فكرة عن أدب الرحلات والاثنوغرافيا ..ولم اتعمق صراحة في البحث والقراءة عن تلك المواضيع ..فلا اظن ان ابن بطوطة مثلا قد اطلع عليها قبل ان يبدأ رحلاته !
كما أنني اؤمن بأن التجربة المميزة هي من تفرض اسسها وقواعدها على من قرر خوضها .. والا ما كانت لتصبح مميزة !” 

***
جلست في مقهى للانترنت في الدور الأول من عمارة رمسيس في وسط البلد .. فتحت جهاز الكمبيوتر على خريطة مصر .. نقلت اسماء ال27 محافظة الذين تتكون منهم مصر .. قسمتهم الى اقاليم مناخية بطريقة بدائية .. فالمحافظات الشمالية الساحلية سأرحل اليها صيفا ..والمحافظات الجنوبية كلها شتاء .. اما تلك المحافظات في الوسط فسأذهب اليها خريفا وربيعا ..
لا أملك مالا للرحيل ..ولكن متى شكل المال عائقا لي ؟!
الكاميرا في التوكيل للاصلاح وسأستلمها بعد اسبوعين .. اذن لأسجل مشاهداتي وملاحظاتي بالكتابة الى ان يتم اصلاحها ..ابن بطوطة لم يكن يملك واحدة على اي حال  (:P)
أصبح لاشئ يعطلني الآن !.. اذا فلأرحل ..ما الذي يمنعني ؟! ..
“هكذا ببساطة عشت حياتي طوال مافات من عمري .. انفذ كل ما اتخيله .. واحقق كل ما احلم به لايحول بيني وبين ذلك شئ مهما كان ..
لم يكن الطريق سهلا يوما .. فلكم كابدت المشقة وعانيت الامرين .. واصبت بخسائر ومصائب قد لايقوى كثيرين على تحملها .. ولكنني لم التفت يوما الى كل ذلك ..
وضعت احلامي الصغيرة نصب عيني .. ومضيت احققها ببساطه سعيدة بكل ما اتكلف في سبيل ذلك ..” 
..القطار لايعمل اليوم ! 
اذن فالى (الميكروباص)
حظر التجول سيبدأ في خلال ساعتين من بدأ رحلتي التي ستستغرق خمس ساعات على الاقل .. ولا اعرف الى الآن اين سأمضي الليلة ..ولا أي وسيلة مواصلات سأتخذ من بعد ان انزل من المواصلة الاولي او من أين سأتخذها اصلا .. وليكن !

هكذا كانت البداية ... من العدم ...

لكل ذي بدء بداية ..

“حلمت في صغري ان ازور الاسكندرية .. وأعيش في خان الخليلي .. وأعمل في الارياف .. وأتجول مع فرق السيرك والموالد !
حلمت ان أنام على الأرصفة مع الشحاذين والدراويش .. وان اتناول طعامي مع القطط والكلاب .. واخيم مع البدو الرحل وارعى معهم الاغنام ..
حلمت ان اكون من بنات بحري .. و(حرفوشة) من بنات البلد الجدعان ...وبدوية .. وفلاحة .. وصعيدية .. ونوبية جميلة بعيون كالاقمار ..” 

كنت على مايبدو  طفلة حساسة تحاول الهرب من واقع يؤلمها ..ولم تجد امامها مهرب سوى القراءة التي ادمنتها منذ ان وعت حواسها .. لنجيب محفوظ واحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم .. طفلة عاشت على خيالات  روايات هؤلاء وقصصهم وتمنت لو كانت بالف روح وجسد لتكون بطلة كل قصة وروايه .. ولتعيش كل تلك التجارب وتذهب الى كل هذه الاماكن ..
 لم يكن الخيال وحده كافيا .. ولم تكن الاحلام وحدها بقادرة على ان تشبع هذه الرغبة لدي بان اصبح كل هؤلاء .. ان اكونهم .. ان اعيش حياتهم  وقصصهم ..
 وقضيت ليال تعيسة كثيرا وانا اتخيل انني لن استطيع ان اعيش الا حياة واحدة فقط ..حياة هدى من الاسماعيلية في مصر  ! ..
الى ان اكتشفت رحلات الاربعين يوما التي اسعدني اكتشافها كثيرا وارضاني وجعلني اعيش على امل خوضها يوما ما بعد ان استطيع الاستقلال بحياتي والتخلص من كل القيود التي تحاوطني ..
***
 على خط موازي  .. “تعلقت بالسينيما والتليفزيون في طفولتي .. ولكنني بالرغم من ذلك لم استطع منع نفسي من الضيق بكل هراءهم واكاذيبهم عن حياتنا كفلاحين او كطبقة متوسطة .. فهم لايعلمون شيئا عن حياتنا .. عن لهجتنا .. عن ملابسنا .. لايعلمون شيئا عن المستجدات التي طرأت على مجتمعنا .. وبالرغم من ذلك يدعون انهم يعبرون عنا وعن واقعنا في تلك المسلسلات والافلام .. ماهذا الهراء ؟؟! .. همم يجب ان اصبح ممثلة ذات يوما لاري هؤلاء كيف هي الحقيقة ... وكيف يكون التمثيل :) .. هكذا قلت لنفسي ذات يوم وانا بالصف الاول الاعدادي ايضا على ما اذكر ..
وهكذا كبر الموضوع برأسي .. ان اصبح ممثلة .. فكرت حينها في هراءهم هذا الذي تعدى مجتمعنا الى المجتمع الصعيدي والبدوي ايضا .. فليس صعايدة المسلسلات هؤلاء هم الحج حراجي الصعيدي جارنا او سلوى صديقتي بالمدرسة ! .. وليس بدوها مثل هؤلاء البدو الذين يمرون سارحين بالاغنام او على الحمير بشوارعنا .. من اين يأتي هؤلاء بهذا الهراء .. حقا لا اعلم ! ..” 
امم ولكنني ان اردت ان اصبح ممثلة وان اعبر عن الصعايدة والبدو واهل بحري ايضا يجب ان اصبح منهم وان اعلم عنهم ومنهم الحقيقة وفقط .. كي استطيع تمثيلهم .. ولكن كيف لي بهذا ؟؟؟ .."هكذا تساءلت حينها" ..
 امم اذن فهي رحلات الاربعين يوما ولاغيرها  .. وسأخوضها مهما كلفني الأمر .. "وهكذا كان الجواب .. ولاغيره :)"
***
“لا اؤمن بتناسخ الارواح ..ولكنني اؤمن باننا نملك روح حرة واحدة .. باستطاعتها ان تكون اي شئ متى شاءت وارادت ..اؤمن بأن الله اعطانا الاختيار والارادة .. ولا اعلم ماالذي جعلنا نسجن انفسنا ونصنع القيود لارواحنا من بعد ذلك ..
و لا اعلم لما ينتظر البعض الموت حتى يتحول بروحه الى فراشة مثلا ؟! ..اظن ان باستطاعته ان يصبح فراشة لو اراد حقا :) ..
اؤمن ايضا بمعرفة الاجداد ( وليس حكمتهم فالحكمه لله وحده ) .. واؤمن بان حكمهم وامثالهم هي تجاربهم ومعارفهم .. اختذلوا خلاصتها في تلك الحكم والامثال ..
فلم يكن لديهم الكثير من الوسائل التي يستطيعون بها التعبير عن تلك المعارف .. فقد كان كثيرا منهم يجهل الكتابة .. ولم يبوءوا بوسيلة غير تلك الحكم والامثال ليعبروا بها عن معارفهم تلك ..
وعموما لا اظن ابدا ان حكمهم وامثالهم تلك مجرد كلام موزون وقوافي .. ابدا ..
اعلم بطريقة ما انها حقيقة .. اعلم بطريقة ما انها كلام علمي مجرب والا ماكانوا ليصنعوا منه قواعد لحياتهم ..
وان كان بعضها اصبح لايتلاءم اليوم مع طبيعة حياتنا فذلك لاختلاف الطبيعة والظروف ليس الا .. ولكن ليس لخطأ في الحكمة او في المثل نفسه ..
وان كان بعضها اصبح غير ملائم لنمط حياتنا اليوم .. فاغلبها كانت ومازالت ملاءمه لعصرنا ولظروفنا .. فاجدادنا عاشوا على نفس الارض وتحت نفس السماء وتعايشوا مع نفس البشر على اي حال !..
***” 
“من عاشر القوم اربعين يوم صار منهم " !
لا اعلم لما اربعين يوما بالذات ولكن في مجتمعنا يحتفلون باربعين الطفل بعد ولادته باربعين يوما .. ويعملون ليلة للمتوفي يوزعون الصدقات على روحه ويقرأون القرآن عليها بعد اربعين يوما من وفاته .. يقولون ان روحه تعود بعد هذه الاربعين لتدور حول بيته ولتطمئن علي اهله كما قالت لي عمتي ! .. بل انهم يقولون بان المتوفي يشعر باقتراب اجله قبلها باربعين يوما !
.. ايضا بعد اربعين يوم من الزواج يذهبون للعرسان بالفاكهة والطعام والحلويات .. ويقولون ان العروسة (ربعنت ) اي اتمت اربعين يوما من زواجها .. ويحزنون كثيرا لو حدث طلاق قبل هذه المدة ويقولون (ياحرام دي لسه ماربعنتش !) ..
.. اعتكاف الاربعين يوما لغرض قضاء الحاجة او بلوغ المقامات عند المتصوفين
.. الله تعالى ذكر ذلك العدد ايضا في بعض الآيات القرآنية ومنها وعده سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ثم أتممناها بعشر) .. 
.. المسيح الدجال سيبقى اربعين يوما ...
ايضا يقولون بأن الشيطان يلازم الانسان التائب اربعين يوما حتى يحرضه على العوده عليها
ويقول بعض علماء التصوف في هذا ان الحكمة من الاربعين يوم هي ثبات اي عادة او سلوك يقوم به الانسان اذا استمر في اداءه طيلة اربعين يوما .. فإذا رغبت في اكتساب سلوك حسن تضع جدول للمران على هذا السلوك خلال اربعين يوما .. او اردت ترك عادة سيئةلديك تقوم بذلك خلال اربعين يوم .. وتلك مدة كافية لاكتشاف مدى تقدمك ..
..حتى ان ابليس يطلب من الساحر أن لا يمس الماء، وأن يبقى في خلوة لمدة أربعين يوما ! ..
.. وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك (في اربعين يوما اخرى)، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) رواه البخاري ، وهناك أيضاً حفظ الأربعين حديثاً و الإخلاص أربعين صباحاً.. وكمال العقل في سن الأربعين، والدعاء لأربعين مؤمن وأربعين ليلة أربعاء وغيرها الكثير من المواضع والموارد..
وفي ثقافة عاشوراء تطلق كلمة الاربعين على اليوم الأربعين من استشهاد الحسين بن علي عليه السلام، ويصادف لليوم العشرين من شهر صفر. وفي كربلاء تحظى مناسبة أربعين الحسين عليه السلام بمكانة متميّزة وتقيم مجاميع العزاء هناك مآتم كبرى.
.. حتى ان كتبا عدة ومدونات اتخذت من الاربعين عنوانا ورمزا .. بل وهدفا .. كرواية قواعد العشق الاربعون لاليف شافاق .. وكيف تبني شخصيتك الروحية خلال أربعين يوما لـ السيد حسين نجيب و (الأربعين النووية) !
.. ولا اعلم الحكمة في كل هذه الاربعينات صراحة .. ولكنني اثق في ديني وفي مراجعه .. ومرجعياته  .. حتى وان لم اعرف الحكمة والسبب منها .. وهذا جزء من الايمان .. الايمان المطلق .. والثقة بالله ..
كما انني اثق ايضا في معرفة الاجداد كما قلت لكم ....وليس في حكمتهم .. فهذه الاربعينات لابد وان عرفوا بفوائد لها يوما ما! .ولكنهم لم يخترعوها حكمة منهم مثلا..هكذا بدون سبب ! :) ..
لذا فلثقتي بديني وبمعرفة اجدادي  ..
 ولحاجتي بأن اثق بها صراحة في هذا الشأن حتى لا اكذب عليكم خبرا .. وذلك كي لا اعيش تعيسة طوال عمري مسلسلة بالقيود لا استطيع العيش الا في بيئة واحدة وعلى شاكلة واحدة :( ..
:)  اختمرت الفكرة واعتملت في رأسي حتى اسست ببساطة للقاعدة الاولى لرحالة الاربعين يوما منذ مايقرب من اربعة عشر عاما ..وهي .. ان اعيش مع القوم الذين ابغي ان اكون منهم 40 يوما حتى اصبح واحدة منهم تبعا لقانوني  :) .. فاعيش اربعين يوما في محافظة المنوفية كل يوما في قرية او مدينة او حي في واحد من مراكزها ..حتى اكون منوفية .. واعيش اربعين يوما مع قبيلة هوارة مثلا كل يوم في وسط عائلة من عائلاتها حتى اصبح هوارية .. واعيش اربعين يوما في امريكا .. كل يوم في ولاية  او ولايتين من ولاياتها حتى اصبح امريكية ! .. واعيش اربعين يوما في بيت من البيوت حتى اصبح من اهله .. وهكذا ..
وكلما حصلت على  اربعينات اكثر تعطيني هويات جديدة وجنسيات جديدة (بطريقة الاربعين يوما وليس عبر طريق الورق والمستندات )  اكثر كلما عاشت روحي وتحررت اكثر واكثر .. كلما شعرت بالسعادة والرضا اكثر واكثر واكثر .. كلما ساعدت البشرية وافدتها  وساعدت البشر على التواصل وعلى فهم بعضهم اكثر واكثر واكثر واكثر .... فرحالة الاربعين يوما هم حلقات الوصل بين الشعوب ..
يملكون من الفضول وحب المعرفة ما لايملكه غيرهم ..هم ايضا يبحثون عن الحقيقة ..عن الجمال ..عن الله ..
وهذه هي بداية البداية ببساطة ! :)

هذه المدونة .. لماذا ؟

“في يوما ما سرت تائهة ضائعة ..


********

في يوما ما .. بشوارع القاهرة ..... سرت في وقت متأخر ليلا .. لا اعلم اين انا .. ولا كيف العودة ..
لا اعلم الوقت تحديدا ...لا اعلم الى اين اذهب ........ كان عمري وقتها 15 عاما .....
لم يكن هذا اليوم هو اليوم الذي سرت تائهة ضائعة فيه ...
بل لقد كان آخر يوم شعرت فيه بالأنس والأمان الحقيقين ..
فقد كنت اشعر وقتها بانني لست وحدي .. كنت اشعر بأن الله معي .. احدثه واستشيره .. ويدلني ويحميني ..
كنت في معية الله ! ..
هل سبق وشعرت بها يامن تقرأ كلامي الآن ؟؟
اذن فستشعر بالتيه والألم الذي شعرت به حين فقدتها ..
لا اعلم لماذا او كيف حدث هذا ..فقط شغلت بالدنيا وبالأسباب لأجد نفسي فقدتها في اليوم الثالي .. وفقط ! ..
سرت ضائعة تائهة من يومها .. على امل ان استعيدها ..
واظن اني الآن في طريقي الى ذلك ..
.. هاقد بدأت في التخلي عن الأسباب .. وفي اعطاء ظهري للدنيا ..في البحث عن الله ..
او بمعنى ادق عن معية الله تلك التي كانت تحفظني وتملأني باليقين والامان ..
تلك التي جعلت من روحي يوما روحا حرة خفيفة .. روحا مطمئنة .. هائمة في ملكوت الله ..
روحا لادليل لها الا الله .. ولاحدود لها .. في الارض او في السماء” 

                                                             ******
“في عصور الحروب والصراعات والثورات .... حينما تنتشر الاشاعات والاكاذيب .. ويظهر الجهل والتعصب .... يظهر امثالي دائما .. ممن يتركون كل هذا الهراء وراء ظهورهم ويسعون لاكتشاف الحقيقة بانفسهم .. بعيدا عما يريد الاخرون اثبات انه الحقيقة جبرا بما لديهم من قوة واموال ..
..بعيدا بعيدا عن كل هذه الضجة .. بعيدا حيث يستطيعون ان يروا الحقيقة من اعلى .. من خارج المفرمة !
بعيدا .. عند هؤلاء الذين لا يحسب لهم المعز حسابا .. هؤلاء ممن تجري تفاعلات الحضارات وتغلي عندهم .. هؤلاء الذين جعلهم الله اداة لتحويل المسارات واسقاط الممالك وقيامها ..سبحانه المعز المذل ..
بعيدا حيث المعمل .. حيث الغليان "
                                                               ******.
.... بداية اكتب هنا  لارساء قواعد رحالة الاربعين يوما ورحلاتهم .. التي اكتشفتها وآمنت بها وباهميتها ..
ثانيا ..لأننا نمر بنقلة في مجتمعاتنا .. فبلادنا تمر بحالة من الغليان ..قد ينتج عنه تحول في المسار .. او انفجار ! ..لانعلم الى اين سيأخذنا هذا او ذاك ..الى خير ام شر .. الى اسوأ ام افضل ..ولكن النقلة تحدث .. والتحول حادث لامحالة ..
 لذا قررت ان ارصده معكم ولكم  من خلال رحلاتي ..
وازعم ان مدونتي تلك ستكون عملا هاما للغاية .. واتمنى حقا ان تكون نبراسا للقادمين .. يفهمون منه اخطائنا ويستخلصون منه الاسباب التي آلت بمجتمعاتنا الى هذه الحالة المذرية ليصححوها ويتجنبوها فيما بعد ولا يتخذونها سبيلا باختيارهم .. او يخنعوا ويرضونها سبيلا جبرا عنهم بأي وسيلة معتبرين بما حدث لنا .. حتى اذا حاول اعدائنا يوما التسلل اليهم وجبرهم عليها كما فعلوا معنا انتفضوا وثاروا عليهم ورفضوهم وسدوا عليهم المداخل .. فلا يقعوا فيما وقعنا فيه نحن من اخطاء ..
                                                             ******
“المشاهد المتكررة .. التلوث .. الضجيج .. الزحام ..
الملل .. فالانزعاج ..
ارغموني على الهرب ..
هربت من كل هذا .. وسرت هائمة ابحث عن الجمال ..عن الهدوء .. عن الجديد .... عن الحقيقة .. بعيدا بعيدا