الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

على هامش الرحلة ..

                                                                        


اول أمس صباحا قالت لي الأستاذة صباح المدرسة ( البديوية ) بمدرسة الفصل الواحد بعزبة اولاد شهبة .. ان سني صغير على القيام بتلك الرحلة وحدي !

وقال لي احد ابناء الشيخ عوض بعزبة الكركر قبلها بيوم ان هذه المهمة المفروض تكون للرجال فقط ! , وفي نفس اليوم قال لي احد سكان منطقة المثاني انه كان من المفترض ان يصطحبني رجلين في تلك الرحلة على الأقل ..
D : D : والحقيقة انه لو صحبني رجل واحد حتى .. فمهمتي ستصبح بلا قيمة .. فليقم بها الرجل اذا ! ..
اعلم ان هناك الكثير من الفتيات اللاتي يرحلن مثلي للتعرف على الشعوب والبيئات .. ولكنهم دائما ماكانوا يلجأون الى الصحبة .. ويحتكمون الى قواعدها ..وهذا مما لايناسبني صراحة .. ايضا دائما ماكنت اراهم واجهة جميلة تزين وتكمل صورة يصنعها ويملأها الرجال حقيقة .. وفي قصصهم دائما ماتكون تلك الفتاة لزوم الدراما .. والرومانسية ..
واعتقد ان من اهم القيم التي انوي طرحها خلال رحلاتي تلك .. مقدرة المرأة على الترحال والبحث وحدها دون مساعد .. كما فعل اقرانها من الرجال من قديم الزمان ..
فهي كائن بشري لديه من الفضول وحب المعرفة اكثر مما لدى الرجال حقيقة .. قد لاتساعدها ظروفها وطبيعتها على اشباع ذلك الفضول .. ولكنها مادامت تملك الارادة فسيظل بامكانها فعل المستحيل ..كأي انسان بامكانه صنع المسنحيل .. فهي انسان ايضا ! ما الغريب او الجديد فيما اقوله !!
لذا اتركوها ان ارادت خوض المعركة .. اتركوها ان ارادت الترحال .. اتركوها ان ارادت العمل .. اتركوها ان ارادات التعلم ..
اتركوها.. فهي مسئولة عن اختيارها امام الله مثلكم وستحاسب عليه .. فلا تعينون من انفسكم اوصياء عليها .. اعطاكم الله الارادة والاختيار ..واعطاها كذلك .. فاتركوها لخوض امتحانها بنفسها.. اتركوها لتكتشف جوهرها بروحها.. اتركوها فهي مسئولة .. اتركوها فقد خلقها الله حرة كما خلقكم .. بالله عليكم اتركوها 
 ...
***
2- وبالمناسبة احب ان انوه باحد قواعد رحالة الأربعين يوما هنا .. وهي .. ان يرحلون فرادى لوحدهم  بدون صحبة ولو نفر واحد .. ذلك كي لاتعطلهم او تؤثر عليهم  الا ظروفهم وفقط .. وايضا كي لاتشغلهم الصحبة بكثير حديثها ومسئولياتها والتزاماتها وقواعدها عن التأمل والبحث والاستغراق في التجربة والتعايش معها..
***
“قالت لي واحدة ايضا باستغراب كيف ترحلين هكذا وانتي مازلتي فتاة لم تتزوج بعد ! ..وضايقني منطقها ..فلطالما ظننت ان الفتاة المتزوجة لايجب ان تشغل بشئ الا بزوجها وبيتها واطفالها .. فهذا هو عملها وفقط .. والا ماكانت لتتزوج لو فكرت في غير ذلك ..
وهذا ما انوي فعله لو تزوجت ..لذا لا افكر في الزواج حاليا ..او مستقبلا بصراحه .. فلا انوي التخلي عن حريتي تلك التي اقتنصتها من مخالب الاسد .. بسهولة .. فما ان اعجب باحد من الرجال .. ويخطر ببالي ان نهاية ذلك الاعجاب ستكون الزواج والتخلي بارادتي عن حريتي تلك التي حاربت كثيرا من اجل الحصول عليها .. حتى يملأني التردد فيتحول الاعجاب الى استنفار والتقرب الى هروب في الحال ..
***
وماضايقني في استغراب تلك المرأة هنا .. انه من المفروض ان تكون الفتاة الغير متزوجة اولى بالعمل والترحال..لأنها غير متزوجة !
فما الذي يحتاج الى شرح هنا ؟!!
أنا ادرك تماما ان مسئولية والتزام المرأة كزوجة غاية في الصعوبة .. اصعب من مسئوليتها والتزامها كوزيرة او حتى كرئيسة جمهورية ..وعن نفسي لا املك الجرأة لتحمل تلك المسئولية بصراحة ..واعجب شديد الاعجاب بقريناتي اللاتي قررن تحملها رغم علمهم بما هم مقدمين عليه جيدا(وهم نسبة قليلة جدا او قل نادرة من الفتيات ) .. كفاهم رعبا التعايش مع تجربة الحمل لمدة تسع اشهر
في انتظار الولادة وآلامها .. :)) عن نفسي انا اجبن كثيرا من ان اتعايش مع هذا الامر صراحة ..
.. لذا فانه مما يدعو للاستغراب حقا هنا ان تكون الفتاة ام او زوجة ..وترحل ! وليس العكس !!
ذلك المنطق الغريب اوغر صدري على تلك المرأة كثيرا وقتها ..ولكنني ظللت مبتسمة .. وحاولت ان افهمها ذلك الامر قدر ما استطيع...” 
*****
3- وبالمناسبة ايضا احب ان اذكر احد القواعد المهمة للغاية هنا فرحلات الاربعين يوما ليست .. ولن تكون ابدا حجه لتهرب اناس من مسئولياتهم .. لن تكون ابدا سببا في اتعاس الاخرين .. لذا فهي لغير المتزوجين ولغير الاباء والامهات ..هي ايضا  لغير كل من يتحمل مسئولية اشخاص ويرعاهم .. فهي ليست لمن يرعى ابائه المسنين الذين ليس لهم من عائل سواه مثلا..او لمن يرعى اخوته القصر الذين ليس لهم في الدنيا سواه  ....
*****
“كنت جالسة احلم لو ولدت في ذلك الزمان الذي كان فيه عابر السبيل له بيوت وواجب على اهل البلاد .. وفي اي مكان ينزل فيه يكفي فقط ان يقول للناس (عابر سبيل) ليسهل الناس عليه الأمور ..ليتقبلوه هكذا .. بصفته هذه ! .. بدون مطالبته باوراق اواثباتات وما الى ذلك مما يحدث في يومنا هذا ..
ولكني لم انتبه في حموة تلك الاماني .. الى انه لم يكن هناك مايسمى بعابرة سبيل في ذلك الزمان .. آآخ .. اظن ان مثلي كان سيكابد الأمرين .. وماهو اصعب واخطر من ذلك بكثير في زمان كهذا .. لذا فالحمد لله انني خلقت في هذا الزمان على اية حال ..” 

*****
“في صغرنا كان يحكي لنا الآباء دائما قصة مشهورة ..عن ذلك الرجل الذي رأى ملك الموت يحوم حوله .. في بلده ..وعلم انها النهاية ..فهرب الى اخر الى البلاد ..الى الصين .. ولكن لا مهرب من قدر الله الا اليه ! .. 
فما ان وصل حتى قابله ملك الموت وحكى له كيف ان الله أمره بأن لايقبض روحه الا في الصين ! وكيف استعجب من حكمة الله وقدره حين ذهب ليحوم حول هذا الرجل ورأى مدى بعد البلاد التي يقطن بها عن الصين ! ..وكيف انه لاتربطه بالصين اي صلة ولاينوي الرحيل اليها حتى ..
ولم يعرف الملاك كيف سينفذ أمر الله في الميعاد المحدد .. ولكن يالا قدر الله ! ففي الميعاد المحدد كان الرجل في الصين بالفعل !!
..ولكن يبدو ان بعض الاباء لايؤمنون كثيرا بقضاء الله كما يبدو من حكاياتهم عنه .. فهم دائما يقفون للابناء والاقارب بالمرصاد ان حاولوا السفر او الترحال او الجهاد .. لم تعلمهم دروس الحياة وقضاء الله والعبرة ممن سبقهم .. فما اكثر من مشوا بجانب الحائط طوال عمرهم ومع هذا تعرضوا للاغتصاب والقتل والسرقة والامراض .....
*” 
**
“عشت حياتي اؤمن بقضاء الله وقدره .. تملكني الطمأنينة والرضا اليهم .. فانا اخطط لحياتي واختار .. ولكن هذا لايمنع ابدا من تدخل اقدار الله وارادته في كل ما انوي عمله ليؤثر عليه او ليغيره .. او ليحول من مساره احيانا كثيرة .. للافضل ..او للاسوأ (الذي اؤمن بانه الافضل ايضا فحكمة الله كلها خير ) وحينها لا املك الا الرضا والتسليم لله ولحكمته وقول الحمد لله :) ..فانت تريد وهو يريد والله فعال لما يريد ! ..لذا فأنا لا اعمل حسابا لحكايات الناس عن العرب وقطاع الطرق او حكاياتهم عن البلطجية .. او التزامهم الشديد بالحظر مثلا هذه الايام خوفا من ان تصيبهم رصاصات الجيش الغادرة .. وما الى ذلك .. ولم تعطلني امثال تلك الحكايات عن السفر يوما .. ودائما ماكنت اظن في تلك الحكايات انها حكايات يختلقها الناس ويهولون من امورها كي تكون حجة لالتزامهم بحياتهم المملة هذه التي يخشون تغييرها ويجبنون من مجرد محاولة ادخال نمط جديد اليها .. فانا اخطط لما انوي عمله ببساطة واحتاط من بعض الامور التي يعد عدم الاحتياط منها رمي للنفس في التهلكة ..واتوكل على الله واسير ولكني لا ابالغ في مخاوفي واحتياطاتي لاصنع منها قيود بدلا من احتياطات ! ..او لاجعلها غاية بدلا من وسيلة ..” 

هناك تعليق واحد:

  1. اتمنا لكى التوفيق فى اكمل الرحله الاربعين يومآ ومزيد من المعلومات والتجارب على الطبيعه الجميله

    ردحذف