الجمعة، 8 أغسطس 2014

الطريق الى مطروح ..

بعد اسبوع من طردى من البيت قضيته في نزل متواضع بالاسماعيلية لانهاء بعض الالتزامات المعلقة ، غادرتها اخيرا الى القاهرة ..

    كنت قد بعت اللاب توب اثناء ذلك بثمن بخس ، فالى جانب اننى لم اكن انتوى من الاساس  اصطحابه معى اثناء سفرى وحيدة في مناطق نائية .. و فى ظل هذه الظروف و الازمات التى تمر بها البلاد فأعرض نفسي لخطر الاعتداء و السرقة .. ،
 و الى جانب سعيي دائما الى التخفف اثناء ارتحالى .. فالحقيقة انه لم يكن معى ليلة طردى .. جنيه واحد .. و لهذا السبب بالذات ، و فقط حملته معى منذ البداية
     و حين مغادرتى للاسماعيلية لم يكن معى من ثمنه الا اليسير ..
فقد كان على عاتقى بعض الالتزامات المالية ، الى جانب ايجار النزل و المصاريف الاخرى التى اضطررت اليها طوال ذلك الأسبوع

    و اول ما وصلت الى القاهرة مررت على (التوكيل) فأودعته كاميرتي التالفة و التى رغبت بشدة في اصطحابها معى اثناء الرحلة ..
الا انه كان لحسن حظى أن جاءت المقادير بغير ما اشتهيت في هذا الخصوص لأسباب ستحيطون بها قريبا
    بت ليلتها في نزل للشباب اعتدت المبيت فيه اثناء مرورى على القاهرة ،
و في الصباح كنت جاهزة للارتحال ..
 و لكننى لم أكن قد حددت بعد الى اين !
فمررت على (انترنت كافيه) بآخر ما تبقى لدي من جنيهات .. فالقيت نظرة سريعة على الخريطة ، وحددت وجهتى ..
و رحلت ..

                                                           *****

بمال او بدون مال استطعت دائما ان احيا !
في تلك الفترة التى استقللت فيها بحياتى
كنت .. بمال .. احيا كما يحيا البعض ..
و بدون مال .. كان عم كيمو يشكك لي السندويتشات .. مع انه يعلم جيدا اننى قد لا استطيع الدفع لأيام و اسابيع و احيانا لشهور .. هذ ان دفعت من الاساس !  ،
 ومع ذلك كان يجذبنى من ملابسي كالطفل الصغير و يلح علي في تناول ما اعده لى من سندويتشات لذيذة مذكرا اياي (مراعاة لشعورى) بأنها شكك لحد ماربنا يفرجها ، و ذلك  كلما مررت من جوار محله و انا ذاهبة صباحا او عائدة آخر النهار  من دراستى او عملى  .. من و الى سكن المغتربات الذي كنت اقطن به في تلك الايام .. بجواره
   في البداية كنت اجد حرج في ذلك .. و كنت دائما ما ابكى ..
الا انه شهر وراء شهر .. و سنة وراء سنة ..
و مع ائتناسي بتجارب و ظروف صحباتى و اصحابى من المغتربين المشابهة ..
أصبحت لا اجد غضاضة كثيرا في تشكيك الطعام من عم كيمو الطيب .. او في الاستئذان للمرور من بوابات المترو بدون تذكرة ،
 او فى شرح موقفى لكمسارى القطار او لسائق الميكروباص كي يسمحوا لى بالركوب ..
و ان لم يوافق صاحب ذلك المطعم .. و ان لم يسمح لى هذا الكمساري او ذاك السائق ..
فلا مشكلة ..
مازالت هناك قطارات اخرى ! .. و الميكروباصات كثيرة و المطاعم اكثر  ، و دائما ما كنت اجد من يوافق في النهاية ! ،
و انا حقا مثابرة في هذا الأمر :)
الا انه نادرا ماقابلتنى مشاكل بهذا الخصوص صراحة فغالبا ماكان يوافق اول صاحب مطعم او سائق ميكروباص او كمساري ، فلا اضطر الى استئذان غيره من الأساس ..
لذا فلن اشير كثيرا الى هذا الأمر بعد أن فهمتموه الآن ...
  و ذلك بالمناسبة أحد الجوانب المضيئة في مجتمعاتنا الشرقية الذكورية و التى لا يلتفت اليها غالبا ، و لا تشفع لدى كثير من دعاة المساواة .. اما جهلا او ظلما .. !
فالى جانب ما للرجل من مميزات في مجتمعاتنا ، فما عليه من التزامات و واجبات نحو المرأة أكبر كثيرا في الكم و الكيف من تلك المميزات التى يحصل عليها لكونه رجل !
و الحقيقة انه ان لم يكن لذكورية مجتمعاتنا من ميزة اخرى ..
فهذا كاف بالنسبة لى كي أنعت هؤلاء المتعنتين، ممن يطلقون على أنفسهم (دعاة حرية المرأة) بـ (دعاة ظلم المرأة)
فالمرأة في مجتمعاتنا دائما على حق .. دائما لها حقوق ، و عار على أي رجل في مجتمعنا أن يحاول تصعيب اي امر عليها حتى و لو كانت المخطئة !
فهي ضعيفة مكسورة الجناح  :)
، و هذه حقيقة علمية على فكرة و ليست مبالغة .. او قولا اريد به مكر او كيد  :) ... يعلم الله ..
فالله زاد الرجال بسطة في الجسد و الصحة و التحمل ، و ليس أقل من أن يساعدونا و يقفوا الى جوارنا ليسهلوا علينا الأمور و يذللوا لنا المصاعب ..
و الرجل الذى لا يساعد امرأة في ضائقة لجأت اليه ، و يقف الى جانبها مهما حدث .. و مهما كانت الظروف
هو رجل خال من المروءة و الشهامة ، هذا ان كان رجل اصلا!
فما حاز تلك الصفة و لا هذه الحقوق في ثقافتنا الاسلامية الا بسبب من ذلك في البداية ..
    أما نحن .. فلنا بعد كل ذلك الحق في أن ندعى كما شئنا بأننا نجحنا .. و حققنا ذاتنا .. و أثبتنا كفاءتنا ناسبين كل الفضل بعد الله عز و جل الى موهبتنا و ذكائنا و جهودنا .. دون لوم من أب أو زوج أو أخ أو مدير أو زميل أو عامل ! ...
فما فعلوه من أجلنا هو واجب عليهم في مجتمعاتنا و ليس منة !
، بل و واجب عليهم ما هو أكثر من ذلك ايضا ...
لذا .. افلا يحق لى دعوة هؤلاء المتنعرين بحرية المرأة و مساواتها بالرجل
بدعاة ظلم المرأة
هؤلاء ممن يسعون الى استلابنا كل هذه الحقوق و الميزات .. !
                                       
                                                                      *****

اذن فلكونى فتاة أي (ابنة ، ام ، اخت ، زوجة ، ...) ..
وافق على اصطحابى اول سائق ميكروباص متجه الى الأسكندرية ، حيث أن وسيلة المواصلات المفضلة لدي (القطار) كانت متوقفة على مستوى الجمهورية كلها تقريبا بأمر من قادة الانقلاب ، عدا قطارات الجيش و البريد ،
و ذلك  لقطع الطريق على المتظاهرين و الرافضين للانقلاب و لمحاصرتهم ...
وعلى ما اظن فقد تكون تلك هي المرة الأولى التى تتوقف فيها حركة القطارات في مصر كلها بهذا الشكل منذ انشائها من ايام عباس الأول و  الى الآن !

                                                                     *****

في الأسكندرية قررت ألا اواصل رحلتى الى مطروح اليوم ، فليس من الحكمة بشئ أن اواصل رحلتى ليلا و في ظروف كهذه الى مكان لم يسبق لي ان ذهبت اليه من قبل ، خصوصا و انا اعلم انه صحراء كتلك !
،  و كان ميعاد حظر التجوال على وشك فذبت عن عيون العسس و الفضوليين وسط جموع من المصطيفين ، لم تكن كثيرة كالعادة في ذلك الوقت بالاسكندرية ، و ذلك لما تمر به البلاد بالطبع ..
و أخذت ابحث عن ملجأ الى الصباح ..
عادة كنت استطيع الانتظار الى الصباح على الكورنيش او على أحد المقاهى هناك
، الا ان الحظر كان يبدأ في الواحدة بعد منتصف الليل ..
     و في الواحدة بالفعل كان الكل قد بدأ في الهروع الى جحره ، و المحلات و المقاهى  بدأت في اسدال أبوابها ..
 و كنت قد تذكرت أخيرا (نزل للشباب) كنت قد بت فيه ليلة من قبل و اعلم جيدا اننى سأجد فيه حتما مكانا الى الصباح ، فهو مكان غاية في التواضع .. صراحة مكان غاية في القذارة  :(  .. و لن يفضله الا المضطرين امثالى
ملاياته متسخة و مرقعة ، السرائر و الكراسي و الترابيزات مكسورة ، و الحوائط مليئة بالشروخ
من الآخر مكان مثالى  :) ..
لأنه كان رخيص للغاية ، الى جانب انه كان بامكانى استئذان المشرف فيه بسهولة في السماح لى بالمبيت الى الصباح
مع وعده بالمغادرة باكرا ، حيث لم يكن معى مالا ..
و حينما انتبهت من افكارى  كان الجميع قد ذهب و كانت المحلات و المقاهى  قد أغلقت بالفعل و ذهب من بها ..
و لم أعد اسمع الا صوت نفسي مدافعة و انا (أبستفها) على ما اوقعتنى فيه من روطة .. مع خلفية من أصوات ارتطام امواج البحر بالشاطئ و الصخور .. و وقع اقدام ظلال بعيدة لنفر هنا او هناك يهرعون بعيدا الى حيث جحورهم
و اخيرا لمحت على مد بصري كتيبة جيش بعرض الشارع الكبير على الكورنيش ..
و علمت ما علي فعله بالضبط  ..

                                                                  *****
ليس من مكان آمن أكثر من بيت عدوك

                                                                  *****
كانت التظاهرات يومية و قوية في ذلك الحين بكل احياء الأسكندرية .
  أدليت شفتي ببلاهة .. و أنعست عيني في براءة .. و ذهبت الى العسكري الواقف الى جوار الدبابة
،  و قلت له : هو الارهابيين ضربوا عليكوا نار انهاردة ؟؟
‘  فنفخ صدره و ابتسم قائلا : لا
، فقلت له : الحمد لله ! .. هما ضربوا عليكوا نار هنا قبل كده ؟؟
، فقال لى : لا
 -و بعد برهة من التلعثم أكمل كلامه و على وجهه ابتسامة مهزوزة مضطربة .. مصطنعة ! : و لكنهم ضربوا زملاء لنا في مواقع اخرى من قبل و ..
ازداد تلعثما
فأرحته من الادعاء و قاطعته و انا مثله اتصنع ، مدعية تصديق كلامه و كونى متفاجأة و متأثرة بما قال
و قلت : ياخبر ... ربنا يحميكم .
-(كنت أدعو بصدق حقا على اية حال ففي النهاية هو مجرد عسكرى غلبان مغرر به كالآخرين ممن أدعو الله لهم دائما بالحماية من شر مرءوسيهم الخونة .. القتلة ..
.. أي نعم كان فرعون و جنوده خاطئين .. الا ان الأمر لم يكن بالسهولة التى تمكننى أو غيرى من أن نحسم أمر مثله باعتساف حكم الآية و تعميمه في ظروف معقدة كتلك)-
.. ثم عدت أحدثه مجتذبة لأطراف الحقيقة و دون الخوض في التفاصيل .. كي لا أكون كاذبة !
 فقلت له : انا كنت جايه مطروح في شغل و لسه واصله من القاهرة و جيت ادور على سكن هنا ابات فيه للصبح لكن ما لاقيتش
و الحظر ابتدى و مافيش مواصلات ، و موش عارفه اعمل ايه  ....
ينفع اقعد معاكم هنا  لغاية ما الصبح يطلع ، و الحظر يخلص .. ؟؟
فتردد في الرد في البداية .. ثم أجابنى أخيرا بأن الأمر ليس بيده ، و أنه يجب أن يستأذن مرءوسه بخصوص ذلك اولا
.. فأخذنى الى شاويش او ما الى ذلك و الذى اخذنى بدوره الى ضابط شاب كان الأعلى رتبة في تلك اللجنة او الكتيبة على مايبدو ..
، كان الضابط يجلس مسترخيا فوق سور الكورنيش و يتحدث بمرح  الى صديق له في التليفون حينما وصلنا اليه ، فظللنا واقفين الى ان انتهى من مكالمته ، فأعدت على سمعه نفس الكلام الذي حكيته للعسكرى و الشاويش تقريبا
دون ان اطلب منه البقاء الى الصباح ، -(انتظرت ان اصرح له عن ذلك  في مرحلة أخرى بعد ملاحظة رد فعله .. و جس نبضه ! .. و معرفة ما اذا كان من الملائم طلب ذلك منه ام لا )- فأخذ حقيبتى و افرغ محتوياتها بدون اكتراث .. و أخذت الملم حاجاتى التى وقعت هنا و هناك ..
ثم أخذ يجتذب معى اطراف الحديث و يسألنى عن بلدى و عملى و دراستى
ثم سألنى اخيرا .. عما أريده الآن ؟ !
فقلت له بلهجة فيها من المرارة و السخرية ما لم استطع أن اخفيه .. -( و ذلك بعد أن اطمأننت اليه ، و علمت مما قاله لى اثناء محادثته  معى أنه متخرج فقط في العام الماضي ...  مجرد شاب عادي كأي شاب من الممكن استئناسه ! ) : موش انتوا الجيش اللي ماسك البلد .. انا جتلكم بقى عشان تتصرفولى .. اعمل ايه ؟
فنظر الي نظرة ذات مغزى ثم قال ضاحكا بمرح : عشان تعرفوا بس ! ..
كان من البحيرة .. و البحيرة اغلب اهلها من المؤيدين للشرعية .. قد يكون رأى في بنت خالة او بنت عم او قريبة ما من هؤلاء .. كما رأيت فيه ابن خالتى المؤيد للانقلاب !
فعاود الاتصال بصديقه مرة أخرى - و الذي تبين انه كان مسئولا هو الآخر عن لجنة اخرى في الجوار - سائلا اياه عن مكان فندق قريب .. و تصدر الصديق حين علم بالأمر كأبناء البلد الجدعان
 ، فجاء بسيارته مرتديا زيه الرسمي تاركا لجنته كي يقلنى الى ذلك الفندق المزعوم !
ألححت عليهم في كونى لا اريد الذهاب الى فنادق فا أنا لا املك ما يكفى من المال لذلك .. لا اريد فقط الا البقاء هنا للصباح ..
و لكنهم اوضحوا لى أن ذلك صعب ، و قد يجر عليهم المتاعب و المشاكل ...
كنت متعبة و بحاجة الى النوم فعلا .. فاستسلمت لكلامهم اخيرا و اشرت عليهم بأن يأخذونى الى ذلك النزل الذي حكيت لكم عنه من قبل .. لكونه جيد .. حكومى و آمن .. هكذا أخبرتهم .. فأخذانى الى هناك و دفعا لى شاكرين حق المبيت و الافطار بعد أن أوصوا المشرف علي !
و في الصباح الباكر كنت على الطريق الى مطروح ..





الخميس، 7 أغسطس 2014

في حقيبتي ..

كتبت احدى صديقاتي يوما -و التى لم أخبرها من قبل عن حلمى الأربعيني-  ..  ملاحظة عني على الفيس بوك بعنوان
 "البنت التي صنعت يوتوبيا" وذلك قبل قيامي بأول اربعينية .. بحوالى مايقرب السنة .. ، و ايضا قبل أن تعدل من رأيها بخصوصي و(تبلكنى) من الفيس و من حياتها عموما .. بما اننى اصبحت ارهابية عتيدة اليوم  :)
.. كتبت متكهنة في احدى فقراتها عن حقيبتي :) وقالت : (لا أعرف لماذا فكرت في البحث داخل شنطة يدها توقعت ان أجد أدوات كثيرة تخص الرحال الماهر ملابس قليلة بحيث لا تسبب ثقل إذا ما قابلها معبد تستبيح سكنه.. أشياء تساعدها على الصيد صيد لغرض الأكل صيد لحظات خاصة للذاكرة صيد أماكن تضعها في قائمة بلادها, وبعض الطُُعم لتأكله إذا ما أحست بالتعب أو فراغ الروح وإذا ما ابتعدت عن  العلامات التي وضعها لتستدل بها على معبدها / يوتوبيتها وتصمت ).-(كوبى و بيست :) )-
و لطالما شغلت حقيبتى الكثيرون .. لا اعلم السر في هذا .. 
قد يكون لأننى من احملها .. و لأننى لطالما كنت الغريبة المرتحلة الغامضة بالنسبة الى اصدقائي و معارفى ..
و بالتالى فالحقيبة دائما كانت اسهل خبايايا من حيث امكانية  تفتيشها و الاطلاع عليها !
.. و من لم يكن باستطاعته الاطلاع على مابها .. كان دائما مايشغله الأمر فيأول عليها من مخاوفه و امانيه ! ، الا ان تلك الصديقه كانت حقا اكثر من اقترب  ببساطة ..  بدون تخمينات معقدة او عجيبة و مبالغ فيها ! 
   و طوال رحلتى و انا اعانى مع حقيبتي من فضول الاخرين .. كلما دخلت بيتا .. كلما تعرفت على احد .. كلما مررت على جماعة ..
 او لجنة :) 
   و الآن صار وقـــت المكــــــــــــــــاشفه :) ..  اخيــــــــــــــرا سأعلن عن ما تحويه حقيبتي 
خبر سار لكل من شغله الأمر يوما :) !
كفانى عبثا .. لأكون جدية قليلا :)
فمن واجبى الآن التنبيه على اهم الأشياء التى طالما حملتها معى دائما وقت السفر و الترحال ، ورأيتها مفيدة و كانت بالفعل كذلك .. فلم تخذلنى يوما مهما طال سفري او قصر ، بعد او قرب .. و ذلك كي يستفاد غيري ممن نوى الالتحاق بى في اربعينياتى ! 
بداية .. كان دائما القرآن الكريم 
اما زجاجة الماء فكانت و ما زالت ، دائما من اهم محتويات حقيبتي حتى في الشتاء .. و ان لم اشعر بالعطش .. فللماء عموما استخدامات و فوائد اخرى الى جانب الشرب ..
 ، و لا مانع من علبة او اثنين من العصير حتى اذا ما اصابنى الهبوط و الارهاق من مجهود السفر و السهر و اللف و الدوران  !
و مع كتاب او اثنين او ثلاثة .. على حسب طول الرحلة و ظروفها ، .. كانت سفرياتي دوما مفيدة !
زجاجة صغيرة من الزيت العطري .. او زجاجة عطر عادية حتى اذا ما اصابنى الدوار او مررت على مكان رائحته كريهة ..
 ففي السفر كثيرا مانمر مجبرين على رياحات مجارى او مقالب زبالة حيث لا طريق اخر .. فمع بعض قطرات من العطر على منديل اكتم به على  فمى و انفى .. تحل المشكلة دائما !
الفرشاة و المعجون ، ايضا (مزيل للعرق ) .. حيث قد لا اجد (حمام) استطيع ان استحم به لعدة ايام او اسابيع  اثناء ارتحالى  ! ..
و طبعا نظارتى :) .. الا انه لحظى السئ نظاراتى كانت مكسورة في هذه الأيام و نسيت أن آخذها معى حتى و لو لاصلاحها ، فعانيت الأمرين طوال رحلتى من اجل ذلك :( 
.. ايضا صور لعائلتى كانت كثيرا ماتؤنسني <3
.. مناديل ورقية .. و قطعتين او ثلاثة من الملابس القطنية الخفيفة صيفا .. او جاكت و قطعة صوفية او شال في ايام الشتاء ،
وطبعا صابونه :) 
امممم و كي لا اكون مدعية او كاذبة هنا .. فسأعترف باننى لا استطيع ابدا الترحال بدون واقي شمس و كريم مرطب للشفاه و ما الى ذلك من ادوات غالبا ما تحتاجها الفتيات ...
و غالبا ما احمل في حقيبتي مسكن للألم .. لاصق طبي للخدوش و الجروح .. قطرة معقمة للعين ..
و هذه المرة زاد على ذلك قطن و شاش و مقص و مطهر .. كانوا في حقيبتى دائما تلك الايام (لزوم التظاهر السلمي!)

و فقط :) .. انتهينا .. 

الى الرحلة اذن الآن :) ...







ظرف خاص

البداية كانت بعدما تشاجرت مع أمى و طردتنى كعادتها في تلك الأيام ، اثر رجوعى من تظاهرة سلمية ضد الانقلاب ..
انها كأي ام تخشى على ابنتها ، و انا عنيدة و اعترف بأننى ارهقتها كثيرا ..
كنت بعد شجارى معها في كل مرة  من تلك المرات .. اترك البيت و اذهب الى خالتى التى تسكن في الجوار حتى تهدأ العاصفة !
و بعد عدد من المرات .. اصبحت هي من يفتح لى الباب و يطردنى مستبقا .. و هي متأكدة من اننى سأذهب الى خالتى كالمعتاد طبعا ! .. الا ان ذلك التصرف كان شديد القسوة بالنسبة الي حقا ... 
   و فى ذلك اليوم قالت لى : ارجعى من حيث اتيتى -(قاصدة في الظاهر ان اعود الى المظاهرة التى كانت قد انتهت بالفعل اصلا ! ، و ان اذهب الى خالتى باطنا :) في الحقيقة)- أخلص صلاة و ما الاقيكيش في البيت !
هكذا انهت نقاشها معى و تركتنى كي تصلى ..
   و كنت قد ارهقت من تهديداتها لى بالطرد في الفترة الاخيرة .. و من مشاجراتنا الكثيرة بسبب تلك المواضيع السياسية ..
ايضا على المستوى العام كنت محبطة من عدم جدوى مظاهراتنا مع انتشار الجهل و قلة الوعي .. و التطبيل لمعز عصرنا (السيسي) و  استلاب الاعلام الكاذب الفاسد لعقول العامة و البسطاء ..
و كنت قد رحت شوطا بعيدا 
عن روحى .. عن جوهرى .. 
بعيدا عن ربى .. فانشغلت بصغائر الأمور عن جوهرها ..
و استغرقتنى الجزئيات فاهتزت الصورة الكاملة في عيني و تشوشت .. 
كنت مرهقة و يائسة ..
و فجأة خطر على بالى  ذلك الحلم الذي طالما داعبنى  كالخلاص .. 
لن اجد ابدا فرصة لتحقيقه كتلك .. 
كان وقت حظر التجوال في تلك الايام .. 
حزمت اللاب توب و أخذت الكاميرا التى كانت في حاجة الى تصليح 

و حملت حقيبتي و خرجت ... 

الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

السقوط من السماء السابعة

كنت قد عنونت هذه التدوينة بـ (وقت مستقطع ) قبل ان ارسلها الى أحد قرائي المقربين لمعرفة رأيه فيما توصلت اليه و كتبته .. ، ففوجئت به يعاود مراسلتي برسالة يصف بها شعوره بعد قراءته لهذه التدوينة بـ (السقوط من السماء السابعة) ..
و ان كان الأمر كذلك .. فليكن !
فلا مانع عندى ابدا من العودة الى الأرض الأم من حين لآخر :)
و ذلك جزء من سرنا المقدس الذي خلقنا الله عليه .. و عهد بنا الى اكتشافه بأنفسنا .. و عمليا 
انه اداه من الأدوات التى وهبنا الله اياها حين نصبنا خلفاء له في الأرض .. عز و جل
(حرية التجوال في المدارات)
فمع استطاعتنا الصعود الى سابع سماء .. بامكاننا ايضا النزول الى سابع ارض 
و كما نحيا على الأرض .. نستطيع أن نحيا ايضا في الفضاء 
و كل تجربة من هذه التجارب لها خصوصيتها و مذاقها المختلف ،
و لن يفيدنا ابدا الركون الى احداهم و الاكتفاء بها دون الأخريات 
فلا تكتفى بالعيش على الأرض .. و لاتركن الى السماء و تنسى من اين اتيت و لما خلقت 
فكما شبه شمس التبريزى في (قواعد العشق الاربعون) : الشريعة بالطريق و التصوف بالشمعة التى تضئ لك هذا الطريق .. فلا تنكفئ على الشمعة منجذبا بضوءها و سحرها .. و تنسى السر من وراء حصولك عليها .. تنسى انك ما سعيت اليها حين سعيت الا لتضئ طريقك .. فتكمل سعيك .. و تستعين بها على خلافتك في الأرض ..
و ليس لتقف بها مذهولا منجذبا في وسط الطريق ...

 و الآن استعدوا معى الى الهبوط من سابع سماء الى في هذه التدوينة :) 
                                                     
                                                          ******

فات ما يقرب من عام منذ أن عدت من أول رحلاتى (الأربعون الأولى) و سجلت تدويناتى الماضية , و طوال ذلك العام و أنا غارقة في دوامة من التردد فـ (.. الأربعين يوم) ليسوا كتابا أو مجرد تجربة ادبية ..
(الأربعين يوم) هي فكرة .. قابلة للحصول على أرض الواقع ، و قد طبقتها بالفعل ..
و منذ أن عدت منها و أنا أتسلم رسائل من حين لآخر ..
من شاب يحكي لى عن صديقة اوروبية له تمر بأزمة نفسية سيئة ، عرض عليها فكرتى فتحمست لها و قررت تجربتها للخروج من أزمتها تلك !
و ها هو دكتور جامعى قارب على سن المعاش يهنئني على الفكرة و يعلمنى بأنه ينوى تجربتها أول ذي بدء وقت خروجه على المعاش 
و آخر يطريني بكلام يشبه الأشعار يصف فيه فكرتى بأنها طوق النجاة !
و أمام كل هذا وجدتنى انكمش و اتراجع ..
فقد شعرت بثقل المسئولية حقا .. أمام الله و أمام ضميري ..
،و تزاحمت العوائق أمام عيني 
فمبدئيا .. أنا فتاة مسلمة .. يقع على أذنيها من حين لآخر تذكير لما هي مؤمنة به من حديث عن حرمانية سفر الفتاة بدون (محرم) و مع انى اعتدت السفر وحدى ككثير من الفتيات لدراسة او عمل .. او غيره مما اقتضته ضرورات حياتنا المعاصرة الا ان ذلك يقع غالبا تحت باب الضرورة كما افتى شيوخنا !
و رغم ايمانى بأهمية رحلات الأربعين يوما على المستوى العام و المستوى الشخصي الا اننى لن أتجرأ على وضعها تحت ضرورة من تلك الضرورات التى تحل محرما ! فلم تظهر لها فائدة بعد على المستوى العملي تجعلها احدى هذه الضرورات الى الآن على الأقل .. 
و ان كان لرحلتى .. او قل لحياتى كلها ظروف خاصة .. اجبرتني على الترحال بدون (محرم) ، فلن اعمم هذا , و لن ادعو الأخريات الى مثله .. لن أكون ابدا سببا في فتنة او نشر مفسدة بين الناس بدعوتى تلك ، فتخرج فتيات لا يملكن من رجاحة العقل و الحكمة   
-(و لا أدعى هنا امتلاكى لذلك القدر الكافى :) و لكنى أخشى على / مِن .. من هن أكثر حماقة منى :) )-
 مايكفى للقيام بتجربة كتلك فتصيبهن النوائب او يعسن فى الأرض فسادا بجهالة 
ايضا لن اسمح بأن يتجول احد المستهترين وسط بيوت الناس بزجاجة خمر و سيجارة حشيش بحجة انه من رحالة الأربعين يوم! فيتذكرنى الناس بالسباب و اللعنات لكونى السبب في ذلك ..
لن اتحمل ابدا اوزار الآخرين كفانى اوزارى هكذا قررت
، و لكنى بعدها بفترة بدأت فى العدول عن قرارى هذا بعد ماوصلنى من اخبار في التراث الصوفى عن نساء كثيرات كن يرتحلن ايضا لأسباب مشابهة .. ولم ينكر عليهن احد هذا ..
و ايضا عن أخريات في في العصور الذهبية الاولى للاسلام كن يرتحلن وحدهن بدون (محرم) و لاسباب عادية جدا ! الا انهن فقط لم يكن متزوجات فالمتزوجات منهن كن فقط من يحرم عليهن الترحال بدون محرم غالبا في تلك العصور
، الا ان البعض قد انكر حدوث ذلك و كذبه و اشار لضعف روايته او تحريفها ،و البعض الاخر برر ذلك بأنهن كن جوارى !
و مع انهم ادعوا ذلك دائما بدون دليل على دعاويهم تلك .. الا ان هؤلاء الجوارى في النهاية كن ايضا مسلمات وعشن في العصور الذهبية الاولى للاسلام كما اشرت من قبل .. و الحرام .. لن يحلل بعنصرية لأمة لكونها ادنى شأنا و قيمة ..
و يحرم على حرة من اجل الحفاظ عليها و على كرامة و عزة لا تملكها تلك الأمة التى لم ترقى الى مستوى انسان على ذلك الرأي ! 
لم يكن ديننا يوما هذا الذي يدعوه !  .. 
 و لست متصوفة .. و لا سنية .. ايضا لست شيعية او سلفية .. أنا مسلمة و فقط ، و ما سبق من مذاهب اجزاء من تلك الصورة الكبيرة (الاسلام) انحرف بعض اصحابها
و في العموم لا اقبل احدها كله و لا ارده كله و الأمر محض اجتهادات
الا اننى و مع كل ذلك .. لم أطمأن الى ذلك الرأي تمام الاطمئنان .. ففي النهايه احاديث الرسول صلى الله عليه و سلم واضحة و محددة في هذا الشأن
و متفق عليها بين كل تلك المذاهب
في الصحيحين .. لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها حُرْمة 
و قد قال ابن مسعود و الثوري -(من كبار المتصوفة)- بهذا الرأي
و من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم
و هذه اربعون يوم :) 
و قد قلبت الأمر من جميع وجوهه فلم اجد مخرجا .. فقد قال البعض بجواز السفر حينها ان كانت المرأة في رفقة قافلة فيها عدد كبير من الرفقة .. فتعد القافلة و خروج المرأة حينذاك بصحبتها كخروجها في الأسواق .. مشروع مع كرهه .. 
وقال البعض انه يجوز في وقت الأمن .. في الأزمنة التي يكون فيها عدل و عدم خوف .. ، و لا يخفى على احد هنا ان عصرنا هذا ليس زمنا من هذه الازمنة  ! ، هذا الى جانب ماتحمله الرحلة من طابع المغامرة و المخاطرة
 و حتى هذا الرأي و ذاك اوقفهم البعض على خروجها الى الحج و فقط ..
  ايضا ليس معنى خروج فتيات في العصور الأولى او فيما تلاها الى السفر بدون محرم أن يكون لى بذلك الاحتجاج على الاباحة .. خصوصا مع ورود نصوص قاطعة متفق عليها في هذا الشأن 
فمثلا في بحثى عن موضوع الحجاب (الايشارب) و الذي تلتزم به الكثير من الفتيات اليوم  لم اجد دليلا واضحا من قرآن او سنه على فرضيته رغم اجتهادات الفقهاء المتعنته ! في ذلك .. و التى سعوا من وراءها لاثبات فرضيته بتأويل الآيات و الاحاديث بما لاتحتمله من معانى .. فقط وجدته سنه .. مابين واجبة او مستحبه .. و لكنه ليس فرضا .. كما ان النقاب ايضا ليس فرضا .. في نظرى هو فقط  سنه مستحبه ..
  و فى المقابل .. الزي الاسلامي .. و المفروض حقا .. و هو الزي الذي لايصف و لايشف .. الغير ملفت في ذاته بألوان او بهرجة .. الخ  ، و الذي لا تلتزم به كثيرات اليوم في مجتمعاتنا الاسلاميه (و انا منهم) 
لايحق في المستقبل ان تحتج على اباحته الفتيات .. فيتركن النص الواضح في ذلك على حرمانيته بحجة انه في عصور ما .. دعيت فيها بلاد ما .. بالبلاد الاسلامية .. كانت الفتيات ترتدى مثل هذا !

لذا فالوارد هنا في رأيي حول من كن يخرجن مرتحلات بدون محرم احد امران .. اما انهن كن من امثالنا !

و اما  كن يجهلن بحرمانية ذلك الأمر  و عند الجهل يرفع الوزر 
، و ان كنت ارجح الرأي الثانى ، و ليس ذلك بمستغربا مع بعد المسافات و بدائية المواصلات و الاتصالات في تلك العصور ،و ماترتب على ذلك من صعوبة وصول الكافى من العلوم الشرعية الى البلاد البعيدة ..
و لانتشار الجهل بتلك العلوم من الاساس في البلاد المفتوحة حديثا ايامها  ..
و لأن السنة الشريف لم تجمع كاملة منقحة في البداية .. و لم يكن جمعها و الوقوف عليها بالأمر السهل المتوافر فيما بعد .. فباب العذر بالجهل هنا مفتوح 
   -(و مع ان لى شكوكى حول من قاموا على جمع السنة و رعاية ذلك الأمر من شتى المذاهب و الأطياف .. لكونى غير مطمئنة تمام الاطمئنان الى ان السياسة ، و سيف المعز و ماله  لم يلعبوا دورا فيما وراء ذلك كله
الا انه حين يصادفنى نصوص كهذه متفق عليها من جميع اهل هذه المذاهب .. لايسعنى حينها الا الاطمئنان ...
لذا فانا ابحث عن هذه النصوص دائما و اسعى الى تجميعها .. و ذلك مشروع عاكفة عليه الآن ...)-

           لذا عدلت قليلا من قواعدى السابقة .. فلا بأس .. او لابد ! .. للفتاة .. الرحالة الأربعينية .. أن تصطحب معها (محرم) .. و لن تعيى فتاة ما في عصرنا هذا أن تجد في عائلتها أب .. أخ .. خال .. عم .. جد .. زوج .. ابن  .. ابن اخ .. ابن اخت .. اخ من الرضاع.. حفيد يتمتع بروح الفضول و المغامرة كي يشاركها رحلتها .. و عن نفسي قررت أن اصطحب أخى الأصغر و الذى يبلغ من العمر الآن (14 عاما) معى في رحلتى القادمة ان شاء الله
-(ادعوا معى ان توافق امى و يوافق اباه على ذلك )-
ايضا للفتيات السجينات البائسات و اللائي لم يوفقن الى عائلة (أب .. أخ .. خال .. عم .. جد) تتمتع بتلك الروح ..
قررت أن اشرع في فتح منتدى للزواج خاص برحالة الأربعون يوم ! كي يوفقن على الأقل في العثور على زوج مغامر -(و لاتنسي ياعزيزتى دائما أن من حقك الشرعي وضع شرط واقف في عقد زواجك ان لم يلتزم به الزوج كان من حقك الطلاق .. من حقك وضع الشرط الذي يحلو لكى مهما ان كان ، حتى و ان كان التزام الزوج بوعده بمصاحبتك في تلك الرحلات و خلال فترة معينة من حقك تحديدها ايضا :) ! ) - 
، و ان لم يحالفهم الحظ في هذا ايضا .. فلا داعى لليأس ، فليحتفظن بأملهن .. و لينتظرن ابن او حفيد في عمر 12 عام او اكثر ليجبرونه وقتها بما لهم عليه من عشم ، بل و سلطه في اصطحابهم .. أثناء اجازته الدراسية :) ..
او ينتظرن اذا بلوغ الـ 45 او الـ 50 عام -(ربنا يدينا كلنا الصحة و طولة العمر للخير و في الخير ان شاء الله)-
 و يصطحبن صديقة او اثنتين معهن .. و حقا سينعمن وقتها بالرحلة الأفضل ، فهل هناك صحبة افضل من صحبة الصديقات ! .. و لن اذكركم هنا بتحكمات الرجال و مشاكلهم .. فقط تخيلن معى رحلة كهذه وقتها .. 
و اخيرا فان اعيتكم الحيلة كثيرا في هذا الشأن فلا تحملن هما 
ففي الصحيح أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها-قد سافرت بلا محرم، وعندما كلمها أبو سعيد الخدري في ذلك، قالت له: أوَ كل النساء تجد محرمًا؟!

 اما بالنسبة للرجال فتعالوا نتغاضى عن كل ما فات من كلام قصدت به مواساة نفسي و بنات جنسي عن ما فاتهم من متعة و فائدة ..

بالنسبة لك ياعزيزى مازالت القاعدة : ارحل وحدك
الا لو كنت من أحد المصاحبين كأخ او غيره لاحدى البائسات من أمثالى -( و هنيالك يا فاعل الخير )- ستستمتع جدا حينها صدقنى لو ساعدت فتاة بائسة و اصطحبتها معك ستكون برفقة كائن لطــــــــــــيف يهون عليك من مشاق السفر و متاعبه ، كائن رقيـــــــــــــــق حســــــــــــــــــــــــــــــــــاس -( احم احم اعتقد ان الرسالة وصلت كفاية مافيش داعى اكمل شغل نصب و شحاتة :) )- ، لنتحدث بجدية قليلا عن الفائدة الكبيرة و الذهبية التى ستجنيها حقا من اصطحابك لفتاة ..
 تتلخص تلك الفائدة في انك ستستطيع برفقة فتاة و بشفاعة منها من اختراق المجتمعات المنعزلة و المنغلقة كالمجتمعات البديوية و الريفية .. فالرفق بالقوارير من شيم اهل تلك المجتمعات غالبا .. (و ذلك ما سهل علي اولى رحلاتى كثيرا في الحقيقة)

 اما عن مخاوفى من صاحب سيجارة الحشيش .. فالى جانب ما تحمله من أفلاطونية ساذجة ، فذلك الحشاش لن يدخله أحد الى بيته اصلا ! و ان حدث فسيكون غالبا حشاش مثله ! -(الا لو كان في حالة حرجة .. حالة حياة او موت .. و كان في بلدة اناسها طيبون على الفطرة فغالبا سيساعدونه و يدخلونه الى بيوتهم ان لم يكن من مخرج .. دون وضع لأي اعتبار وقتها) -

و ان كان الأمر كذلك .. حشاش سيدخل الى بيته حشاش .. فلا بأس ! 
فرحلتى للباحثين عن الحقيقة ليست حكرا على مسلم او بوذى ، مصرى او سنغافورى ! ، متزن او مدمن .. و ان كان الأخير  أحد الباحثين عنها حقا فسيسعدنى ذلك كثيرا .. لأنه ان وصل اليها  فلن يعمد ابدا الى التعاطى مرة اخرى ان شاء الله .. 

 و هكذا اجتزت عوائقي الروحانية و العقائدية .. بقيت عوائقي الشخصية و الفنية ..


 قد يكون تساؤلا ماهيته (من انا؟) .. قد يكون رهبة التجربة الأولى .. او ربما الاثنين معا ..

                                                                                              ذلك كان عائقى
كيف سأقدم على طرح فكرة كتلك ..
من انا ؟؟ .. آهكذا .. سأنزل على الناس بباراشوت من السماء ككاتبة و فيلسوفة ! .. 
لست كاتبة و لا فيلسوفة .. لست في نظر الناس اكثر من مطربة و طالبة حقوق و ممثلة و ما يقرب من مائة مهنة و صفة اخرى في ذيلها دائما .. فاشلة :) 
و المشكلة الحقيقية انه لم تكن مهنة فيلسوفة او كاتبة .. و لو فاشلة :) .. واحدة من تلك المهن التى عملت بها !
فبأي صفة سأقدم كتابى ..
 و كان (الصوت روح) أول كتبى .. و الذي وجدت حتميته فقط من اجل تحقيق ماهيتي تلك .. كاتبة .. فاشلة :) ..
فلم يطبع منه سوى 293 نسخة وزعت منهم 283 نسخة على المارة مجانا بطريقة عشوائية .. فالكتاب واجهته مشاكل سياسية جعلته مصادر و ممنوع من الطبع و النشر .. مع انه كتاب روحانى في المقام الأول بالنسبة لى ..
الا ان ماحدث لم يحزننى كثيرا او يشغل بالى .. ففى النهاية اصبحت كاتبة الآن .. رسميا .. لى كتاب مسجل باسمي في دار الكتب .. كتاب حاصل على ترقيم دولى .. فماذا يهمنى بعد ذلك ؟!
اما بالنسبة للنجاح فهو امر نسبي بالنسبة لى ..
الا ان هذا النجاح المتعارف عليه و الذي يعني التفوق و الظهور في مجال ما لم يكن ابدا في قاموسي و لم اسعى اليه يوما .. مع اننى اعلم يقينا اننى لو فعلت و ركزت مجهودى و طاقتى و ابداعى على مجال واحد او اثنين فسأصل اليه حتما ! ان شاء الله :) .. .. و لكننى حقا لا اهتم سوى بالمعرفة و التجربة ..
امم فمثلا .. بدلا من ان انجح خلال سنة في تعلم واجادة اللغة الفرنسية على سبيل المثال .. افضل ان اتعلم خلال تلك السنة مبادئ اللغة الفرنسية فقط ..
مع اساسيات ركوب الخيل .. و اساسيات البيانو .. و شيئا من فنون الخط العربي 
مع كل ما قد يرتبه ذلك من فوضى و تشتت في حياتى

 اعلم ان هناك من سيتحدث الآن عن انه لم تكن هناك ضرورة حتمية لـ (الصوت روح) .. و لكننى اعلم انه لم يكن هناك بد من تلك الضرورة ! .. فتلك الصفة التى اكسبنى اياها هي ما اعطتنى الدفعة و الثقة التى كنت بحاجة اليها ..


 أما المشكلة الثالثة او العائق الثالث فكان حول القالب الأدبى الذي سأوصف من خلاله رحلتى .. (كل الأفكار اتهرست في ميت كتاب قبل كده!) 

و اخيرا وجدتها ..
القالب هو انه لا قالب ..
ففي بداية رحلتى صحبت معى كراستين لتسجيل الاحداث او للاشارة اليها فيهما بايجاز .. كي اتذكرها  فيما بعد .. وقت التدوين .. ثم زادوا واحدة .. فأخرى
، و حينما تكاثرت الأحداث و تداخلت .. لم يعد التسجيل العشوائي الفكرة الأنسب .. ايضا ظروف الرحلة و علتها لم تمنحانى رفاهية الوقت الذي استطيع التسجيل المسهب خلاله ..
فاشتريت ثلاثة كراريس كتبت على غلاف اولها (الأماكن) و الثانية (الأشخاص) و (الثالثة) الأحداث .. ثلاثة كراريس لأهم ثلاثة مكونات لأي سيناريو .. يذكرنى اجتماعها او اجتماع لمحات منها عن السيناريو كاملا  فذاكرتى ضعيفه للغاية لاتكفى الاشارة باحدهم فقط دون الآخران لتنبيهها عادة 
و هكذا قررت ان انقل كل كراسة في فصل بعد فصل 
7 كراريس .. 7 فصول 
 الا اننى لم احافظ على خصوصية اي منهم.. ففي النهاية سجلت الأحداث في كراسة الأماكن بعد ان فرغت كراسة الأحداث !، و سجلت الأماكن في كراسة الأشخاص حين لم يسعفنى الوقت لاخراج كراسة الأماكن قبل أن انسى اسم المكان .. الذي كان دائما عجيبا ! .
 و هكذا ..
امم كانت ستصبح تجربة ادبية عجيبة يتيه فيها القارئ و يتشتت .. و صراحة .. عن نفسي .. لا احبذ الكتابة التجريبية كثيرا .. لذا قررت أن أحكى ببساطة ، مستعينة بكراريسي السبعة ، و ذاكرتى المتواضعة 
و بقالب اعتيادى
اليوميات .. 

 لم يبقى اذن الا ان اشرع الآن في تسجيل احداث رحلتى

ماعرفته ..
ماعلمته ..
ما رأيته ..
من صاحبونى و صاحبتهم ..  ادخلونى بيوتهم و ادخلتهم قلبى ..
المخاطر و المغامرات ..
 و الأحداث الغير متوقعه ..